الاثنين، 4 مارس 2013

الاتكاء على الخطأ ٢

   أورد الكاتب شظى بتاريخ 23/5/2004م ما نصه:

"أما بخصوص حكم آل يزيد في المنطقه فهو قديم ولكننا لا نعلم متى كانت بدايته ودلائل ذلك كثيره ومنها :
1ـ قصيدة محمد المتحمي عندما سجن بمصر حيث قال فيها :

سقى الله أوطاناً تحف بتهلل .....وأرخى عليهاهاطل المتراكم 

قبـائل حــلتها مـغيـد وعــــــلكم ..... ومالك والأحلاف من عهد آدم

وقيس بن مسعود وبكر بن وائل .... وأكرم بشحب في ثراها وظالم
وهو هنا قد رتب قبائل عسير حسب الترتيب المتعارف عليه فيما بعد أي أنه وضع بني مغيد ثم علكم حتى وصل الى قبيلته رفيده مع أنه منها وهو ترتيب معمول به حتى الآن وكان الأولى به أن يضع قبيلته أولاً بصفته منها وبصفتها قبيلة الحكام في حينه أو قبيلة ربيعه أو علكم بصفتهما أقرب القبائل الى جبل تهلل وهذا يدل أن تقديم بني مغيد أمر سابق لحكم آل المتحمي ، مما يدل على سبق آل يزيد بالحكم قبل حكم أبو نقطه الذي كان بدأ مع بدايات الدولة السعوديه".

وقد وجدت أن المعلومة هنا قد تحولت أيضاً إلى وسيلة لحرف مسار التاريخ ومحاولة استدراج البعض للمصادقة على ما ورد حول علاقة الإمارة العسيرية بيزيد بن معاوية، واستخدمت في كتب صدرت حديثاً للاستدلال على ذلك، لذا وحتى لا يكون حبيبنا شظى مسؤولاً امام الله وأمام الجميع عن هذا الخطأ وقبل أن يتورط فيه الآخرون، فإنني أود توضيح أن الاستنتاج هنا وبغض النظر عن الحقوق الفكرية للكاتب التي تجاهلها من نقلوها إلى كتبهم يفتقر للدقة والمعلومة لا تصلح للاستدلال بها للأسباب التالية:
١)  للشاعر ذاته قصيدة أخرى رتب فيها القبائل بطريقة مختلفة عن السابقة وهي قوله:
سقى الله أوطانا تحف بتهلل *** وجادت عليهن السحاب الهوامع
ولا حبذا مصر وان طاب عيشها *** ويا حبذا منها اللوى والأجارع
جبال كأن السك وافا بناتها *** وأودعها مكنونة فهو ذائع
فإن خطرت فيها النسيم عشية *** وعادت تصلنا أرخص العطر بائع
كأن الغصون الخضر في عذباتها ***عرائس مصر زفهن التوابع
بها علكم إخواننا ورفيدة *** ونسل مغيد ناجحي ووازع
كذا مالك أكرم بهم وربيعة *** وبكر الوغى أكرم بها إذ تقارع
وهذا الاختلاف يدلنا على أن الترتيب المعتمد في كل من القصيدتين لم يكن إلا ترتيباً اقتضاه وزن القصيدة لا أكثر، ومن ثم يسقط تماماً الاستدلال بالقصيدة الأولى على أسبقية وجود إمارة لآل يزيد سابقة لفترة حكم آل المتحمي.

٢) لم نجد ما يدل على أن هنالك ترتيب متوارث لقبائل عسير، فقد حدث نقاش واختلاف في زيارة الملك فيصل عام 1394هـ حول ترتيب الدخول للحفل ومن ثم تم إنهاء الخلاف باعتماد ترتيب دخول القبائل من الجنوب إلى الشمال في قبيلة عسير السراة آخذين في الاعتبار موقع الحفل في ميدان البحار ببلاد بني مغيد، وكرر ذلك الترتيب في زيارة الملك خالد رحمه الله،  وناهيك عن أنه ترتيب لا يوافق الترتيب الوارد في القصيدة، فإن هنالك نصوص تاريخية تدل على عدم وجود ترتيب معتمد لقبائل عسير، فالعجيلي قد أشار إلى أن عبدالوهاب أبو نقطة عام 1219هـ عند تحرك العسيريين في إحدى المعارك قد رتب القبائل وجعل كل قبيلتين رتبة أولها  بكر وألمع، وهو ما يدل على عدم وجود الترتيب القبلي أو على اختلاف الترتيب في كل مرة عن الأخرى، كما أن الواسعي رتب قبائل عسير مع أنه لم يوردها متتالية ولا استحضرها بنفس الترتيب الذي اعتمده فذكر أولاً رفيدة التي اعتبرها رابع فرع وعند ورود اسم بني مالك ذكر أنها أولى الفروع وعند ورود اسم بني مغيد ذكر أنها ثالث فرع من فروع قبيلة عسير الأربعة حسب وصفه، ومثله فعل الأب استانسلي،  وهذه الاجتهادات الشخصية المتفرقة  تدل على عدم وجود ترتيب متواتر معروف لقبائل عسير على الرغم من وجود مركز السلطة في قبيلة رفيدة ما بين 1214 – 1239هـ وفي بني مغيد ما بين 1239 – 1287هـ، وهو ما يعني افتراض تقديم أيهما خلال فترة احتوائها للعاصمة العسيرية، إلا أننا لم نجد ما يدل على ذلك، رغم عدم استبعاده، ولكن المؤكد أنه لم يكن هنالك ترتيب سابق لبروز الإمارة العسيرية في بداية القرن الثالث عشر الهجري.
ومن هنا فإن الاستدلال بأبيات محمد بن أحمد المتحمي أعلاه لا يضيف جديداً لمن اتكأ عليه، لإثبات وجود الإمارة اليزيدية المزعومة قبل فترة حكم آل المتحمي.
 عليه .. فعلى من يرغب في إثبات وجود الدولة اليزيدية البحث عن البديل لهذه الأدلة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق