السبت، 1 نوفمبر 2014

إمتاع السامر ... إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور

"مجموعة إمتاع السامر" هو مصطلح استخدمته في كتاب عسير والتاريخ وانحراف المسار، كاختصار، للدلالة على "منظومة تزوير"، نتج عنها مجموعة من الكتب والوثائق المزورة التي نسبت (أو نسبت معلوماتها أو الوثائق التي يُدّعَى وجودها والنقل عنها) إلى أشخاص لا علاقة لهم بها.

 وهذه بعض من الكتب المنتمية لهذه المجموعة:
١) كتاب:" "عسير" لمحمود شاكر الذي انفرد برواية لم يسبقه إليها أحد حول تاريخ المنطقة مدعياً أنه ينقل عن وثيقة جعفر الحفظي، ولكنه أخيراً أقر بأنه لم ينقل عن الوثيقة بل نقل عن ناس من عسير مشافهة قالوا آن ما نقلوه موجود في الوثيقة المزعومة.
٢) كتاب: "إمتاع السامر بتكملة متعة الناظر" المنسوب تأليفه إلى شعيب الدوسري المتوفي عام ١٣٦٤هـ، وهو كتاب غني عن التعريف، يزعم أنه تحقيق لكتاب "متعة الناضر ومسرح الخاطر"  الذي لم ير النور حتى الآن، يتحدث الإمتاع عن تاريخ عسير ضاماً في متنه تداخلاً مع  تاريخ جميع مناطق الجزيرة العربية والقرن الأفريقي، مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ويتكون الكتاب من ثلاثة أجزاء ـ حتى الآن ـ قابلة للزيادة.
٣) كتاب: "تاريخ عسير ... رؤية تاريخية خلال خمسة قرون"، المنسوب إلى محمد بن مسلط، ويدعى أنه تحقيق لوثيقة ابراهيم الحفظي، وهي وثيقة غير حقيقية، جرى عليها الكثير من التحريف، وبه من العجائب ما بنضيره الإمتاع، إلا أنه أقل مادة وأكثر تخصصا.
٤) كتاب: "السراج المنير في سيرة أمراء عسير" المنسوب لعبدالله بن علي بن مسفر، والكتاب تعرض لتحريف شديد عما كتبه المؤلف رحمه الله. 
٥) كتاب: "أخبار عسير" لعبدالله بن مسفر وهو صنو سابقه وهو أجرأ في الكذب من سابقه.
٦) كتاب: "الدر الثمين في مناقب أمير المسلمين" المنسوب إلى عبدالله بن علي بن حميد، وهو كتاب تحقيق لوثيقة تحمل نفس الاسم، للحسن عاكش، وهي وثيقة حقيقية تم تحريفها، كما أن التعليق الذي وضع باسم المحقق المزعوم كان بعيداً عن مضمون الوثيقة، وعن الحقيقة، وحمل الكثير من المغالطات والأكاذيب، وتداخل النص مع التعليق بشكل واضح ومقصود.
٧) كتاب: "الرحلة اليمانية" المنسوب إلى عبدالله بن إلياس، وهو شبيه بسابقيه من حيث خروج التعليق عن المضمون وكثرة الغرائب والأكاذيب التي ملأت صفحاته.
٨) ترجمة كتاب: "عسير قبل الحرب العالمية الأولى" لـ"كيناهان كورنواليس" التي تمت عن طريق قسم "دار نور للدراسات" بدمشق وقدم للكتاب "عارف أحمد عبدالغني"، وتم النشر عن طريق داري نشر سوريتين وهما: "دار العراب للدراسات والنشر"، و"دار نور" في عام ٢٠١٣م (أي أثناء حموة عنفوان الحرب الدموية في سوريا).
٩) كتاب: "عسير في مذكرات سليمان الكمالي" المنسوب تحقيقه لأحمد بن بن حسن النعمي وهو تحقيق مزعوم لمذكرات سليمان شفيق باشا، ويسيري عليه ما يسري على البقية فالتحقيق بعيد عن مضمون الوثيقة ويحوي كم كبير من المغالطات والأكاذيب.


 وهذا ما يحضرني من الكتب الآن، وهنالك الكثير مما لم أحط به هذه اللحظة لضيق الوقت، أو مما لم يظهر للعلن بعد.



وقد وجهت لي من الاتهامات مما شاء أولئك الرافضون لمواجهة موجة التزوير ادعاءه، بخصوص أهدافي.

لذا أضع هنا عينة صغيرة ـ جمعتها اليوم حسب وقت فراغي ـ من إشارات تتعلق بالتصرف في هوية الأرض والمجتمع دون مستند من قبل من يقفون خلف هذه الموجة من التزوير، وهي نقطة في بحر ما تم وضعه من إشارات تتعلق بمحاولة تغيير الهوية والإساءة لإنسان هذه الأرض مما سأضيفه لاحقاً.


صفحة من كتاب "الرحلة اليمانية" المنسوب تحقيقه لعبدالله بن إلياس
   يقول المزورون أن آل عائض وآل حميد الدين كانوا يتنافسون على حكم كامل اليمن، فكان آل عايض يرون أنهم أحق بحكم اليمن، ولهم مبرراتهم، على أساس أن عسير جزء من اليمن. أما حميد الدين فيرى أنه أحق لأن منطقته  مركز اليمن وأصلها.
ولمن لم يقرأ في القانون الدولي في هذا الخصوص، فإن هذا النص في هذا الكتاب يعتبر وثيقة تاريخية يمكن الاستناد إليها في حالة التحكيم، وتعطى اعتبارها الكامل بصفة الكتاب، كتب بواسطة أحد أبناء المنطقة المعنية، ويحمل مصداقية لدى المجتمع في البيئة المحلية في عسير، ولم يصدر قرار بمنعه في المملكة ناهيك عن تأثيره على الذاكرة الجمعية في البيئة المحلية والمحيطة.



صفحة من كتاب "تاريخ عسير" المنسوب لمحمد بن مسلط
 يقول المزور على لسان ابن مسلط هنا أن ابن سعود آدرك ضرورة السبق الى مواجهة عسير بعد انتصارها على الادريسي قبل أن يتمكن ابن عايض من إسقاط الادريسي في تهامة وحميد الدين في صنعاء ويكون قد وحد اليمن  ( يقصد عسير، وصنعاء، وتهامة) تحت حكمه فتكون نجد أمام خصوم أقوياء من الشمال والجنوب.
ولفظة وحد اليمن يا سادة لم تكن لفظة عبثية فقد وضعت بعناية لتحمل دلالة واضحة تكون رافدا إعلامياً وقانونياً في دعم استعادة الحقوق المزعومة يوماً ما.


صفحة من كتاب "السراج المنير ..." المنسوب لعبدالله بن مسفر
 يقول بأن الجزيرة العربية تدهور وضعها فأصبحت نجد والحجاز واليمن بما فيه مقاطعة عسير ونواحيها في حالة مماثلة. نلاحظ أن عسير ونواحيها غير موجودة ككيان بل كجزء من اليمن، وبشهادة أحد الأعيان ممن كلفوا بمهام كبيرة في إمارة  عسير، ومنها المشاركة في لجان التحكيم المحلية، فجعله المزورون أحد الشهود على تسليم الوطن للغير.




صفحة من كتاب "عسير" لمحمود شاكر
يقول محمود شاكر الذي كان ينقل معلوماته شفهياً (كما يقول) أن عسير كانت تتبع للأقوى من الممالك اليمنية فإذا قويت شوكة الأيوبيين كانت عسير من أملاكهم وعندما ورث بنو رسول الأيوبيين في صنعاء امتدت سلطتهم إلى عسير، ووقع الخلاف بين بني الطاهر وبين بني رسول فكانت عسير تتبع الأقوى، فتخضع تارة لهؤلاء وتارة لهؤلاء وأخيرا تبعوا لبني الطاهر.
الحقيقة أن الكتب اليمنية لا تحمل خبر امتداد لبني الطاهر ولا بني رسول ولا كل الإمارات اليمنية على عسير. نعم تداخلت بعض القبائل الحدودية  مع التاريخ اليمني بعد القرن الرابع، مثل يام وجنب وسنحان، ولكن تداخل هذه القبائل النادر كان من خلال توجه بعض الأفراد المقاتلين لمساندة هذا أو ذاك من أمراء المدن اليمنية في حروبهم بينهم داخل اليمن، وربما شارك أفراد من عنز ضمن الجنبيين، والواضح أنها كانت في غالبها مشاركات مدفوعة الثمن.
ونحتاج من الأستاذ محمود شاكر أمده الله بالصحة والعافية أن يطلعنا على مصادره غير الشفهية إن كان لديه شيء، فسننسى ما أوقعته فيه مصادره الشفهية من أخطاء حول التاريخ العسيري، ولكننا نحتاج إلى إثبات مصدرية ما ذكره هنا، وفي مواقع أخرى من كتابه، مما يتعارض مع ما ورد في المصادر اليمنية المعاصرة للأحداث جميعها. ولا يتوافق إلا مع بقية مصادر تزوير إمتاع السامر التي ندرك أنها كانت مصدر معلومته الشفهية.


صفحة من كتاب إمتاع السامر
ابتداء من نهاية السطر الرابع من الأسطر الأربعة الأخيرة يشير المزورون إلى أن قبائل غامد، وزهران، وخثعم، وشمران، وبني القرن، وبني عمرو، وبني شهر، وبللسمر، وبللحمر، وبقية قبائل الأزد التهامية قد كانت طرفاً في حرب قوات سنان باشا مع بني الطاهر عند دخول سنان باشا وقواته لليمن، حيث كانت تشكل قوات مدافعة عن الدولة الطاهرية.
أي أنها كانت جزء من اليمن متفاعل مع البقية منضوية تحت إماراته تأتمر بأوامرها، وتنتهي بنواهيها، والدليل أنها في هذا الخبر تدافع عن وطنها (اليمن)، أمام غزو سنان باشا لدولة بني الطاهر.
وهذا شاهد واضح المعالم على انتماء هذه القبائل لليمن سياسياً عبر التاريخ، وعلى امتداد الامارات اليمنية المتعاقبة على الجنوب السعودي كاملاً منذ وقت مبكر، وأن إقليم عسير لا يتجاوز كونه امتداد لملحقات محافظة صعدة اليمنية عبر التاريخ كما تزعم بعض المصادر اليمنية الحديثة.

أترك للقارئ إدراك مضمون الرسالة وتبعاتها بذاته.   

صفحة من كتاب "إمتاع السامر ..." المنسوب لشعيب الدوسري
يقول المزورون على لسان شعيب الدوسري هنا أن بني رسول قد غزوا عسير، ودارت حروب مع العسيريين أحدها في "دلغان" والأخرى في "الرهوة"، طبعاً انتصار الأمير اليزيدي الأموي (المزعوم) في كتاب عسيري (قد لا يكون دقيقا في نظر الآخرين)، فالمهم هنا هو الاعتراف بوصول الممالك اليمنية إلى العمق في دلغان والرهوة، أما البقية فهنالك من سيكمل الرواية. فالمعركة لم تتم على حين غرة، فحدوث هذه المعارك في مواقع جانبية في عمق منطقة عسير تشير إلى أن هذه المعارك كانت معارك مقاومة لمحتل وضع يده على كامل الأرض زمنا. أليس كذلك.

صفحة من كتاب "إمتاع السامر ..."  المنسوب لشعيب الدوسري  

وهنا وصل الصليحيون إلى رجال ألمع ومحايل.
إذن فكل منطقة عسير لم تكن إلا جزءاً من امتداد الإمارات اليمنية المختلفة على امتداد التاريخ.




صفحة من كتاب "إمتاع السامر ..." المنسوب لشعيب الدوسري

واستكمالاً للصفحة السابقة هنا وصلت قوات الصليحيين إلى القنفذة والليث وعشم والزهرانية والغامدية، وصعدت السراة من عقبتي ضلع وشعار، أي أنها احتلت كامل المنطقة، بل ووصلت إلي الليث على مسافة مائتي كيلومترا من مكة المكرمة.

أي بوضوح: نفس الموجود حالياً في خارطة الحوثيين . بالضبط.

فإذا علمنا بأن كل هذه المعلومات لا تحمل أي درجة من الصحة على الإطلاق.
ألا يتضح لنا أن هنالك ناشطون وراء هذا كله، وأنهم لا زالوا نشطين وأن نتائج نشاطهم تحمل خطورة على المجتمع وعلى الوطن كاملاً.
طبعاً أنا لا اتهم أحدا بذاته ولا بلد معين بالوقوف وراءها، فقد تكون المشاركة بدافع شخصي بحت، ولكن المؤكد لدي وجود الهدف السياسي لدى من يقفون وراء هذا التزوير، حتى ولو كان ذاتياً.

وما ذكرته هنا من عينات لا يمثل إلا نقطة في بحر مما أورده المزورون من مغالطات وأكاذيب تحمل خطورة كبيرة على مستقبل كيان الوطن في حالة عدم مواجهتها.
والسؤال لمن يوجهون النقد.
ألم يكن من الواجب علينا جميعاً أن نواجه هذه المصادر لإيقاف تبعاتها الخطرة على المجتمع والوطن. 
أم أن آعمى البصيرة لا يمكن أن يرى بعقله (قلبه).