الجمعة، 31 مايو 2013

مصادر التزوير بالوثائق ٢


   هذه الصورة هي صفحة من الوثيقة المنسوبة إلى ابراهيم زين العابدين الحفظي المتوفي في سبعينيات القرن الهجري الماضي والتي صدر كتاب تحقيقها ممهوراً باسم محمد بن مسلط المسمى "تاريخ عسير خلال خمسة قرون .. رؤية تاريخية"،  ويبدو من خلال النص أنها إما أن تكون منحولة باسمه أو أنها كتبت من قبل ابنه محمد ولكنها نسبت إليه من قبل من وضعوا أيديهم عليها، حيث تتفق في بعض أخبارها مع ما أورده ابنه في كتاب نفحات من عسير، كما أن بعض المعلومات بها لم تثر إلا في فترة التسعينات الهجرية وما بعدها.

   ولكن يلاحظ الجرأة على التحريف في نص الوثيقة ذاتها، واعتماد التحريف في الكتاب المزور المذكور، فمثلاً نلاحظ أعلاه إضافة عبارة "بعد قتل الأمير محمد بن أحمد اليزيدي" في نهاية السطر الرابع خارج السطر، والإضافة هنا واضحة جداً ومع ذلك فقد وردت في التحقيق كجزء من النص الأساسي وهذه صورة النص في الكتاب المحقق:



ومن خلال هذه الإضافة، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا على المتحمسين وبقوة هو:
لو كان هنالك أميراً اسمه محمد بن أحمد اليزيدي بالفعل تم قتله على يد الدولة السعودية، هل سيحتاج المزورون لهذه المغامرة بتحريف وثيقة تاريخية بهذه الرعونة لإثبات حقيقته ؟.

ولعل هذا يعطينا فكرة عن مستوى الثقة التي يمكن أن نضعها في الوثائق العسيرية في وقتنا الحالي، فهذه الوثيقة متداولة بوضعها الحالي بين من يكتبون تاريخ عسير وتنقل المعلومة منها بكل أريحية، كما أنه أيضاً يعطينا فكرة عن نوعية المصادر التاريخية التي أصبح الجميع يقتبس تاريخ عسير منها، فهذه المعلومة نقلت ولا زالت تنقل فى الكتب  التاريخية حتى هذه اللحظة إن لم يكن عن كتاب ابن مسلط فنقلاً عن وثيقة المفترى عليه إبراهيم زين العابدي الحفظي رحمه الله مباشرة.



ولم تقف خيانة المزورين عند محاولة التدخل في التاريخ السياسي لمنطقة عسير وتهميش دور أبنائها في أحداثها منذ القرن الثاني للهجرة حتى الآن، وتحييدهم عن الحراك السياسي الذي حدث منذ بداية القرن الثالث عشر للهجرة، بل تجاوز ذلك إلى التدخل في التركيبة الاجتماعية المتوارثة والتوازنات القبلية الموجودة على الأرض، ففي هذه الصفحة من نفس الوثيقة نجد التدخل في النص مرة أخرى بإضافة ذات أثر اجتماعي وتاريخي وتلاعب بالأنساب كبير:



نلاحظ في السطر الحادي عشر أن هنالك إضافة جانبية بخط مختلف وقلم مختلف وخارجه عن سياق السطر وهي كلمة "أحلاف" وقد أضيفت بنفس طريقة الصفحة السابقة، وهذه الكلمة تقلب المعنى تماماً، فبينما يشير النص إلى أن عسير قبيلة عدنانية كبيرة تنطوي على قبائل عديدة، وهو ما يعني بطون كبيرة من القبيلة الأم، فقد تدخل صاحبنا ليضع كلمة أحلاف فيقلب كامل المعنى ليطابق ما سارت عليه مجموعة الإمتاع في كل كتبها من نفي وجود قبيلة اسمها عسير واعتبار ما هو موجود تحت هذا المسمى هو أحلاف تضم كامل المنطقة. 
وقد اعتمد التحريف في كتاب التحقيق كجزء من النص الأساسي دون حياء ولا خجل وهذا هو النص في الكتاب:


كما نرى في السطر التاسع من الصفحة أن كلمة (أحلاف) أصبحت جزءاً من النص الأساسي.
وكما أسلفنا فإن هذه الإضافة أصبحت معلومة أساسية في كتابة التاريخ القبلي في المنطقة وفرض المزورون وجهة نظرهم على كل من يكتب التاريخ.

وما خفي أعظم، فالوثيقة احتوت على الكثير من التعديلات التي اعتمدت في التحقيق من شاكلة ما ذكرنا.

علماً أن الوثيقة موجودة عند الكاتب "محمد حسن غريب" كما يقول علي عسيري وقد نقل عنها وعن كتاب تحقيقها جل مؤرخي عسير.

فهل بقي هنالك من يلومنا عندما نقول أن الوثائق التاريخية العسيرية لم تعد مصادر موثوقة لتاريخ عسير .

الخميس، 30 مايو 2013

مصادر التزوير بالوثائق ١

كنت وضعت في الكتاب بنداً لشرح طريقة مزوري إمتاع السامر في الاستفادة من المصادر التاريخية الحقيقية لصياغة التزوير وكيف أن هذه المجموعة وضعت يدها قبل الجميع على العديد من المصادر والوثائق التاريخية المفرقة في أنحاء العالم وتمكنت من ثم من صياغة التزوير بطريقة محكمة إلى حد ما، والجميل أن كتاب "عسير والتاريخ وانحراف المسار" قد اضطر هذه المجموعة المزورة إلى الخروج من القمقم لدعم أخبارهم التي لا يوجد لها أي سند فاضطروا إلى الرجوع إلى المصادر والاستشهاد بها وهم بذلك يكونون قد غامروا برمي أوراقهم الرئيسية، بينما لم يستطيعوا الحصول على مصدر واحد يشير إلى الدولة اليزيدية المزعومة أو أي أمرائها في المصادر العسيرية أو سواها، وقبل الإصدار التفصيلي النهائي فإنني أود أن أعرض هنا وبالوثائق بعض من مصادر التزوير التي استندوا إليها في كتبهم


كان كتاب "كيف كان خروج شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب" والذي هو عبارة عن وثيقة لمؤلف مجهول موجودة في فرنسا التي يملك المزورون امتيازاً خاصاً للوصول إلى وثائقها، وقد قام بتحقيق الوثيقة د. عبدالله العثيمين ونشر الكتاب عام ١٤٠٣هـ، ومن ثم كان لمصادر التزوير فرصة الاطلاع على الوثيقة ومن ثم تم الاتكاء على بعض الإشارات الواردة في الكتاب وإليكم الصور





ومن خلال المعلومة هنا نجد أن الكاتب قد أشار إلى أن حاكم تندحة في عهد عبدالعزيز بن محمد بن سعود اسمه "مرعي" ومرعي المقصود هنا هو أمير رفيدة السفلى  الواقعة على ضفاف (بيشة ابن سالم) وهو مسمى الجزء الرفيدي من وادي بيشة الواقع ما بين أحد رفيدة وتندحة وقد أورد كيناهان كورنواليس اسمه عندما أشار إلى حفيده أمير بيشة ابن سالم، وهذه الصفحة التي أورد فيها كورنواليس اسمه من الكتاب الأساسي "عسير قبل الحرب العالمية الأولى ـ asir before world war1"

محمد بن علي ولد علي بن مرعي .. على فرع بيشة ابن سالم من رفيدة اليمن (قحطان)، عمره خمسة وأربعون عاماً ....

من خلال ما سبق يتضح لنا أن مرعي الذي أشارت له الوثيقة هو مرعي جد شيخ رفيدة بيشة بن سالم المذكور والذي لا زال أحفاده يتوارثون إمارتهم على تندحة وما بينها وبين أحد رفيدة عندما حضر كورنواليس في ثلاثينات القرن الهجري الماضي، والصياغة فيها بعض الارتباك بما يمكن أن يستدرج إلى إشارة عامة ولو بدرجة قبول أقل فقد تجد من يقول أنه ربما كان المقصود أنه أميراً على المناطق المذكورة في السرد، ولكن الاسم هنا على درجة كبيرة من الأهمية فهو مطابق لاسم والد عايض بن "مرعي" لذا فقد تم توضيفه بعناية فائقة في الرواية الواردة في كتب التزوير فهو أمير عسير إلى ما بعد منتصف القرن الثاني عشر الهجري بقليل ثم تنازل عن الحكم بعد أن كان قد قرر أن ينقل مركز حكم الدولة اليزيدية إلى تندحة التي أشار المؤلف هنا إلى أن حاكمها اسمه مرعي ولكنه تراجع، وهذا النص الوارد في إمتاع السامر حول ذلك:

ومكث الأمير (مرعي) هناك ما يقرب من خمسة شهور، ورغب أن يجعل تندحة مقراً لحكمه لمركزها في الوسط، لكنه عدل عن رغبته هذه وذلك عام ١١٦٥هجرية
وهنا نرى مثالاً حياً واضح المعالم على طريقة المزورين في الاستفادة من المصادر التاريخية في صياغة أكاذيبهم وبعناية خاصة جداً.

للنعام

منذ نشر كتاب عسير والتاريخ وانحراف المسار وصلتني العديد من الاتصالات المؤيدة لما حواه الكتاب إلا أنه كان هنالك أيضاً بعض الاتصالات المعارضة وكان بين المعارضين من رفض صحة ورود وصف عسير باسم "بلاد الخر" في كتاب إمتاع السامر، وادعى أولئك بأن أبو عبدالرحمن بن عقيل هو من ادعى بذلك على الكتاب وادعوا بأن العبارة وردت في النسخة المحققة من قبل دارة الملك عبدالعزيز فقط أما النسخ الأصلية من الكتاب فلم يرد فيها اللفظ بهذه الصيغة بل وردت بعبارة أخرى كما يدعون، ورغم محاولات إقناعهم بالحقيقة فقد رفضوا الاستماع، وإذا كان هذا ما حصل معي فما بالك بهم مع البقية.
لذا فسأعرض هنا صور الصفحة التي وردت فيها العبارة  من النسخة الأصلية لكتاب إمتاع السامر، حيث وردت ثلاث مرات وبنفس الصيغة، وهو ما ينتفي معه افتراض الخطأ المطبعي.





الخميس، 16 مايو 2013

رد جديد

اليوم عدت من مدينة أبها حيث أمضيت عدة أيام هناك.
وقمت باتمام الرد على موضوع الأستاذ / عبدالرحمن آل حامد في جريدة الوطن إلا أنني لم أتمكن من إرسال الرسالة إلى الجريدة ففي كل مرة أرسل  يحمل المتصفح إجابة تفيد بوجود خطأ حدث في الاتصال بموفر الخدمة وهذا نص الرسالة:
"The transport failed to connect to the server"

 سأحاول مرات أخرى أو ربما أنشر الرد في جريدة غيرها، أو في أي مواقع التواصل الاجتماعي.