الاثنين، 25 سبتمبر 2017

نتائج فحص الدي ان إي للأحياء والأموات ودلالتها حول أصل العرب ومسار هجراتهم

لا زال هنالك الكثير ممن يراهن على فرز السلالات العربية على أساس قحطان اليمني وعدنان الشامي، ويسعى جاهدا لاثبات صحة هذه الفكرة رغم ما يواجهها من إشكالات كبيرة في نتائج الفحوصات حتى الآن، نهايك عما تواجهه من تشكيك من قبل المؤرخين والأركيولوجيين في العصر الحديث.
في سياق هذا الجدل، سنعرض هنا مخطط هيكلي لنتائج السلالات المنبثقة من الهابلوجروب J1 والذي يمثل ما يقارب نسبة ٥٥ - ٧٠ ٪ من سكان الجزيرة العربية   بينما يتقاسم البقية عدد من السلالات، أهمها السلالة E والسلالة T العربيتان - واللتان تعتبران أساسيتان أيضا في البلاد العربية - . ومن ثم فإن السلالة J1  تمثل ثقل القبائل العربية خاصة وأنه ظهر عليها عدد من القبائل العربية المحسوبة على كلي الجذمين، كما يتضمن المخطط عرض لنتائج فحص بعض البقايا البشرية القديمة والمومياءات حول العالم، ومن ثم سنطرح بعض التعليقات على المشجر وعلى نتائج فحص البقايا البشرية والمومياءات.
وهذا هو المشجر:

جغرافية توزيع السلالات
  من خلال التسلسل نجد أن جميع السلالات العليا فيما فوق التحور P58 هي سلالات أوروبية وقوقازية ومن الأناضول، مع تواجد نادر لعينات معزولة في بعض أنحاء الخليج أو عمان آو تعز أو شمال سوريا، وهو تواجد لا يختلف عن تواجد عينات تحت سلالات الهابلوقروب R  أوN  أوA  أوB أوQ  أوG والتي لها حضور أيضا في الجزيرة العربية وفي كافة دول العالم ولكن بنسب محدودة  (كما هو حال نسبة تواجد هذه العينات التي لا تذكر).
  فتواجد هذه السلالات العليا كتكتلات واضحة تحت تحورات متنوعة ظل دائما خارج المنطقة العربية، وهو ما يدل على أن التكون الرئيسي لهذه السلالات كان خارج الجزيرة العربية.

نتائج المومياءات والبقايا البشرية
مما يزيد التأكيد على أن السلالة نشأت بكاملها في القوقاز وروسيا وهضبة الأناضول البقايا التي عثر عليها خارج الجزيرة العربية. فأقدم أثر حقيقي لتواجد السلالة J1 حتى الآن هو بقايا بشرية تم العثور عليها في جورجيا، وعمر الرفاة يقدر بحوالي (١٣٢٣٥ سنة) - مع نسبة خطأ تصل إلى ٢٥٠ سنة أعلى أو أقل-، بينما كان عمر بقايا بشرية أخرى عثر عليها في شمال روسيا (رجل كاريليا) يقدر بحوالي ما بين (٧٠٠٠-٨٨٥٠ سنة)، بينما قدر عمر رفاة (فتى الأناضول) الذي عثر عليه في تركيا بين (٤٣٠٠-٤٥٥٠سنة)، كما عثر على رفاة الرجل السرماتي في شمال أوسيتيا بروسيا وعمره يقدر مابين (١٨٠٠-١٩٠٠سنة) تقريبا، ولا شك أن هذه البقايا تدل على تواجد أجداد السلالة العربية J1 في القوقاز وروسيا والأناضول قبل وجودها في الجزيرة العربية إذ أن أسطورة عدنان وقحطان بن عابر، وحادثة انهدام السد وما إليها تقدر بما لا يصل إلى هذه المراحل.
الساميون وجدوا في الشام والعراق قبل الجزيرة العربية
أيضا فإن سلالة التحور السامي المفترض  P58  يبدو أنه حضر أبناؤه للجزيرة العربية في وقت متأخر فقد وجدت رفاة لبعض أحفاده فكان أحدهم في عين غزال بالأردن وعمره ما بين (٤٠٠٠-٤٢٠٠ سنة) بينما وجد الآخر في مومياءات أبو صير  بمصر  وكان عمره (٢٦٠٠-٢٨٠٠سنة)، أما ابنه الاسماعيلي الأخير المنتمي إلى fgc11 فقد وجد في قبور القينيقيين في صيدا بلبنان وكان عمر الرفاة المقدر هو (٣٦٥٠ سنة) أي أنه تواجد هنالك قبل بناء سد مأرب، بل قبل قيام جميع الحضارات اليمنية التي قدر قيام أقدمها خلال نهايات الألف الثانية قبل الميلاد، أي أن عمرها في حدود حوالي (٣٥٠٠ سنة)، كما زن هنالك رفاة لعدد ٥ أشخاص مختلفي الأعمار في جزر الكناري يقدر متوسط أعمارها ما بين ٢٢٧٠-٦٩٠سنة) ولكنها غير محددة السلالة ما دون (M267).
إن كل من نتائج التكتلات تحت السلالات العلوية ونتائج فحوصات البقايا البشرية القديمة مجتمعة تدل على أن هجرات العرب الأولى لها قصص أخرى ربما تكون أكثر تشويقا من قصة انهدام سد مأرب وما واكبها من أحداث.
فالواضح لدينا أن العرب حضروا من الشمال إلى الجزيرة العربية وسواحل البحر الأبيض والبحر الأحمر، وامتدوا في الجزيرة العربية ووصل بعضهم إلى اليمن ونقلوا معارفهم وحضاراتهم التي أقاموها فيما بين النهرين إلى اليمن، وربما تعمق بعضهم إلى الحبشة.
وأذا أضفنا لكل ذلك خصوصية العلاقة الواضحة بين اللغات السريانية والأرامية والنبطية والعربية الأولى المحكية في جهات بلاد الشام ببعض اللهجات العربية المحلية في أنحاء من الجزيرة العربية، وخاصة في جهات تهامة الجبلية، فإن ذلك يدل على استمرار الموجات البشرية المتجهة من الشمال للجنوب إلى ما قبل الإسلام بقليل.
للمزيد حول ذلك وعلاقة هذه الهجرة من الشمال للجنوب بتطور اللغة العربية في صورتها الأخيرة منبثقة من اللغات السامية القديمة في الشام والعراق انظر كتاب "قبيلة عنز بن وائل جذور وحضور".
هذا والله أعلم