الخميس، 12 يونيو 2014

حول إيقاف ابراهيم طالع عن الكتابة

يقال بأن الكاتب ابراهيم طالع اوقف عن الكتابة في صحيفة الشرق.
شخصيا وإن كنت أتفهم أن توقف صحيفة ما كاتب ما عن الكتابة في صفحاتها، إلا أنني لا أوافق على منع أي شخص من الكتابة بشكل كامل من قبل الجهات المختصة بسبب رأيه في موضوع ما، ولكنني أوافق وبقوة على تحديد ومراقبة الكتابة في موضوع ما وتأطيرها بأطر محددة تتوخي المصداقية والموضوعية، والتدقيق في كل ما يرد حوله، ومنع استغلال الوسائل الاعلامية كوسائل دعاية للتزوير والكذب، خاصة عندما يكون الأمر ذو خطورة، كأن يكون متعلقاً بالمفاهيم العامة حول هوية الوطن مثلاً، كما هو حال الكتابة في التاريخ.
ولكي لا يستغل الخبر (سواء صح أم لا) لاستدرار العواطف، كما جرت العادة، فإن ما كتبه ابراهيم طالع في صحيفة الشرق من مواضيع متتالية ولعدة أشهر حول تاريخ عسير فيما أطلق عليه "جغرافية اللغة في عسير"  لم يتجاوز الدعاية لكتاب إمتاع السامر والهجوم المستمر والمستفز على دارة الملك عبدالعزيز، فقط لأن الدارة سمحت لمحققي الكتاب (المنشور عن طريقها) بتدوين وجهة نظرهم على أخبار الكتاب الغريبة في الحاشية (ولم تمنعه)!، ولم يحمل ما كتبه في هذا الخصوص أي سمة للكتابة العلمية التي تستدرج عقول القراء (وليس عواطفهم)، فهو لم يحاول أن يفند ما وجه للكتاب من نقد يدل على التزوير، كحداثة مفرداته ومعلوماته عن مرحلة النشر أو  اختلاف طريقة الطباعة والنسخ عن السائد في بيئته، كما لم يحاول إثبات صحة وجود الدولة اليزيدية المزعومة التي يدافع عن صحة وجودها عن طريق المصادر التاريخية الحقيقية، بل كل ما فعله انه كان يستحضر بعض القصائد من كتاب امتاع السامر ويشير إلى القرى والقبائل المعنية بالمدح في القصيدة معتبراً ذلك دليلاً على أن الكاتب أحد أبناء المنطقة ومن ثم فهو شعيب الدوسري.
وكنت شاركت باقتضاب بأربعة ردود في الصحيفة نشر منها اثنان ورفض اثنان من قبل الصحيفة (أو الكاتب)، وطلبت من الكاتب في أحدها الدخول في صميم الموضوع بدلاً من سرد أسماء القرى ولكنه تجاهل ذلك واستمر في سرد الأسماء فقط.
ومع أن كتاب إمتاع السامر الذي لم يمنع تداوله، قد صدر قرار حكومي يقضي باعتباره مزوراً ويمنع الاقتباس منه مما يعطي الجهات الرقابية الحق في مسائلة كل من يتطرق للموضوع بشكل احتجاجي بعيداً عن الطرح العلمي الجاد، إلا أن ابراهيم طالع استمر في الكتابة عن امتاع السامر بطريقته الهجومية لعدة أشهر حتى ملّ من الموضوع فخرج عنه من ذاته  ولم يوقفه أحد، مما يدل على أن الكتابة عن "إمتاع السامر" لم يكن سببا لإيقافه (إن صح الإيقاف).
وأنا شخصياً أحترم الشاعر ابراهيم طالع كشاعر جميل رائع، ولكن فيما يخص الكتابة في التاريخ العسيري فلا شك أن عليه الكثير من المآخذ يحتاج لمراجعتها.
ويبقى أن كتاب امتاع السامر والكثير من الكتب  التي خرجت مواكبة له في منطقة عسير مثل تحقيق ابن الياس للرحلة اليمانية وتحقيق ابن حميد للدر الثمين وكتاب تاريخ عسير لابن مسلط (والكثير سواها) هي كتب مزورة، لم يعد من سبيل إلى رأب صدوعها مهما حاول المتحمسون.