الأربعاء، 13 فبراير 2019

حول موضع قريش من هيكل السلالات العربية

   منذ بدأت عملية الفحص الجيني وبدأ التعامل معها من قبل بعض المهتمين بالأنساب لم يتوقف الجدل ولم ينتهي إلى نتيجة حتى الآن,  ولعل من أهم الأسباب لذلك هو عدم توافق النتائج مع المدونات التاريخية حول الأنساب، ومن ثم محاولة كل جهة اثبات وجهة نظرها حول هيكل الأنساب العربية .
   وحيث أن هنالك دليل واحد يمكننا من خلاله الوصول إلى مدى مصداقية الهيكل ألا وهو الوصول إلى السلالة الهاشمية القرشية من خلال تتبع سلالة الحسن والحسين (رضي الله عنهما)، حيث أنه عني بتوثيقها بشكل جيد نظرا لارتباطها بمفاهيم دينية لدى بعض المذاهب والطوائف، لذا فقد حرص النسابة والمؤرخون وغيرهم على تتبع حركة سلالة الحسن والحسين منذ بدأ التدوين في التاريخ الإسلامي وحتى الآن، فلم يخل قرن من الزمان لم يكتب فيه مؤلِّف، أو يشار عبر مؤلَّف ما  إلى السلالات الحسنية والحسينية، وبالذات تلك الأسر المشهورة التي  حكمت مكة واليمن والمدينة المنورة والمخلاف السليماني ثم تلك المنبثقة من أشراف مكة وهم سلالة الأسرة الملكية في الأردن. فلا شك أن أشهر وأوثق الأنساب الهاشمية تتمثل في هذه الأسر ألا وهي أسرة آل الرسي أئمة اليمن، والقتاديون في تهامة الحجاز أشراف مكة، والسليمانيون أمراء المخلاف السليماني والطاهريون الأعرجيون أمراء المدينة المنورة, بالإضافة للموسويون الحسينيون في العراق وشرق الجزيرة العربية وايران، وقد التقت هذه السلالات تدريجيا  ـ كما هو متوقع ـ وبنفس الأعمار التاريخية المعروفة لهم، والمدونة في كتب التاريخ ـ وبانتظام ـ تحت سلالة واحدة.
    وقد قمت بعمل مشجرة مبسطة للأسر المشهورة من الطالبيين موضحا بها طريقة التقائها لتبسيط الاطلاع لمن لم يطلع عليها، أو أشكل عليه تتبع المشجرة التي وضعها مشروع بني هاشم وقريش الجيني، علما بأن التحورات بعضها ثابتة وبعضها متغيرة، كما أن هنالك بعض الأسماء التي لم تظهر لها تحورات حتى الآن مثل سليمان بن عبدالله بن موسى (جد السليمانيين أمراء المخلاف)، والحسن بن علي بن أبي طالب، ولعل ذلك يعود لعدم انتظام ظهور التحورات في البشر لزوما، أو ربما لأسباب تقنية تتعلق بتطور وسائل الفحص وهو ما يتيح فرصة ظهورها مستقبلا، إلا ان ذلك عموماً لم يؤثر في وضوح وتوافق التسلسل والتدرج للأنساب ـ مع توافق الأعمار ـ إلى الوصول إلى التحور الأكبر L859 الذي يفترض أن السلالة القرشية تقع تحته، ثم امتداداً حتى الوصول إلى التحور المعدي المفترض  FGC1723 ، ولعل المزيد من التطور في هذا العلم سيكشف لنا التحورات التي لم تظهر حتى الآن.
   وهذه صورة للمشجرة التي قمت بتصميمها مع اعتذاري عن أي زلل أو أخطاء قد تظهر، ولا شك أن الوقت والمزيد من التطور في علم السلالات الجينية البشرية سيظهر المزيد من التغيرات والإضافات، ولكن لا شك أنها ـ وعطفا على التوافق الحاصل ـ لن تكون جذرية، ولكنها ستزيد وضوح ومصداقية ارتباط السلالة الهاشمية بهذا التحور, وهذه هي المشجرة:


   لا شك أن التقاء هذه الأسر ناهيك عن الأسر الأخرى المعروفة بهاشميتها ممن لم تتشتهر بإمارة أو بحكم محلي، بالإضافة لالتقاء القرشيين الذين لا زالوا يحملون اسم القرشي ويقطنون في بلاد قريش القديمة ـ سواء قريش المغمس أو سواهم ـ مع أبناء عمومتهم من الهاشميين يعني أننا أمام السلالة القرشية، ذاتها دون ادنى شك، وأي جدل حول ذلك بعدها لا شك أنه مجرد إضاعة للوقت، وعبث، واتباع للهوى.
ومن خلال ما تقدم فإن قريش قد انفردت بسلالة مستقلة تشاركها فيها قبيلة بني صالح فقط ـ حتى الآن ـ وتلتقي بعينات سلالة أوروبية (حديثة) قبل التقائها ببقية قبائل معد (المذكورة بكتب الأنساب)، وطي ـ وربما قبائل أخرى ـ، تحت التحور الجامع FGC1723 ، وهذا لا يتوافق مع ما ورد في كتب النسب، وهو ما يشير إلى خطأ جذري، ومن ثم فلا بد من التسليم بوجود أخطاء جذرية أخرى في كتب الأنساب، يجب ان لا نفصلها على مقاس أهوائنا.
   والواضح أن هنالك خسائر فادحة سيتحملها الباحثون عن المفاخر في الأنساب، ويجب التسليم بها، فلا شك أن هنالك قبائل عربية مشهورة لا تقع في مواقعها التاريخية، ومن ثم فقد نجدها خارج السلالة J1 ويجب قبول ذلك وتوقعه.
فكما ظهرت قبيلة كبرى بحجم قبيلة حرب تهيمن على مساحة كبيرة ـ تعد أهم المواقع في الجزيرة العربية ـ على الهابلوقروب E فعلينا توقع وجود قبائل أخرى من سلالات أخرى متداخلة مع سلالة J1  منذ القدم.