السبت، 9 مايو 2015

DNA

علم السلالات الوراثية المبني على اختبارات الـ"DNA"  علم جديد وخطير جداً وملفت لكل متتبع وكل مهتم بكتابة التاريخ أو الأنساب ولدارسي الأنثروبولوجيا وعلم الآثار وغيره، بل هو علم يثير الفضول لكل من عرف عنه٫ فمع هذا العلم يتوقع أن يكون علم الآنساب والأساطير والروايات المتداولة والموروثة في ذاتها وجزء كبير من التاريخ المدون كعلم جزءاً من التاريخ، بل هو  قد بدأ بالفعل في تنفيذ مهمته في هذا الخصوص.
أتابع بشكل متقطع بعض المواقع المتجددة في هذا العلم كفاميلي تري "family tree"ومشاريعها ومشجراتها كما أتابع على الجانب الآخر المتداول في المنتديات المحلية.
ومن خلال هذه المتابعة فقد هالني حجم التأثير الذي يفعله النقاش على نتائج الفحوصات وربطها بأسماء القبائل بطريقة أو أخرى، فالواضح أن النتائج المعلنة موجهة بشكل مشوِّش ومخل بالقدرة على القراءة الجادة.، مما كون لدي قناعة بعدم أهمية هذه النتائج .
فقد لاحظت أن النتائج تخرج أحياناً حسب ما يتطلبه الجدل وبشكل مكشوف، وكأنها متحفزة للفزعة، فمثلاً اختلف طرفان على نسب أهالي بلدة معينة، وفي اليوم الثاني ظهرت عدة نتائج ترفد أحد الطرفين بكتابة اسم القرية بجوار الاسم القبلي المؤيد لانتمائها حسب ما يراه بشكل مضحك، وفي أحد النقاشات استدل أحد الأطراف بعدم ظهور نتائج تدعم الطرف الآخر من قبيلة معينة فظهرت النتائج في نفس الأسبوع معنونة باسم القبيلة التي ذكرها، علماً بأن الفحص يحتاج لفترة تستغرق آشهراً عديدة فيما علمت، ومثل هذه الحالات متكررة بشكل مستمر!.
وقد لاحظت أن الأكثر حماساً للجدل القبلي التاريخي حول النتائج، هم الأكثر دعماً للفحوصات فأحدهم تبرع بمبلغ خمسين ألف ريال والآخر بمبلغ عشرين ألف ريال لدعم دراسة عينات جديدة لتحور يدعي أنه لقبيلة بعينها، وغيره بمبلغ كذا، وغيره ...، ولا شك أن مبلغ خمسون آلف ريال يمكن من خلاله جمع ما يقارب مائتي عينة مختلفة المصدر وبالتالي مختلفة النتائج، ومن ثم يمكن توزيعها على أسماء القبائل حسب ما يؤيد رغبة المتبرع وتصوره لخارطة الأنساب القبلية، ولا عزاء للبحث العلمي.
أيضاً فإن من أهم الأخطاء التي يقع فيها أولئك الدارسين الارتباط المسبق بتوزيع القبائل بين قحطان وعدنان حسب ما ورد في كتب الأنساب بالضبط، فإسقاط نتائج العينات على القبائل يتم من خلال الأسماء التاريخية مباشرة لا على أسماء القبائل الحالية مجردة، فأصبح النزاع هنا نزاع قبلي تاريخي وليس معنياً بمحاولة معرفة مدى التقارب بين القبائل الحالية ومن ثم دراسة توزيعها  وعلاقة ذلك بالجغرافيا والخروج بعلم جديد يمكن أن يتم من خلاله تقديم العديد من الدراسات النقدية والتحليلية المقارنة لتقديم دراسة جادة للكتب التاريخية وكتب الأنساب عند العرب واليهود وعلاقة تفاصيل كتابتها ببيئتها وتأثير الأحداث الآنية عليها.
لقد أصبح من المسلمات أن النظرة إلى علم الأنساب في العصر الحديث لم تعد هي النظرة القديمة لعلم الأنساب المبنية على الافتراضات والأساطير، فقد تغيرت ملامح هذا العلم منذ  بدأ الأركيولوجيون ودارسو التاريخ حديثا في الكشف عن الأخطاء القديمة، ألى أن وصلنا الآن إلى علم السلالات والدي إن إي .
  وبدلاً من أن نعمل على إخراج علم سلالات وأنساب يحمل درجة عالية من الدقة في ظل المعطيات العلمية التي وفرها سوانا، فإن من المخجل أن نجد أننا لا زلنا نسير خلف ما خطه ابن الكلبي ومعاصريه من أخطاء، بل ونحاول تكريسها في نتائج علم الجينات، ونتبع خطوات شياطين إمتاع السامر ومن يقفون خلفهم في تحريف نتائج دراسة هذا العلم وتزويرها.

لا شك أن هنالك دلالات أولية تحملها النتائج رغم الأخطاء والتمويه الحاصل، ولكنها غير مؤكدة حتى الآن، فالأسماء يخشى أن يكون جزء كبير منها وهمي، ونخشى أن ما سيأتي من إضافات قد تزيد من المشكلة، لذا فلا يمكن تجاوز ذلك إلا من خلال دراسة محايدة تقوم عليها جهات محايدة متخصصة ومدعومة بشكل جيد، تستفيد بحذر من النتائج المتاحة وتدرس إلى جوارها عينات ممثلة للمجتمع بتفرعاته المختلفة جغرافياً وقبلياً بشكل متوازن.
ويجب أن نعي أن النتائج الحقيقية لجميع الأسر على المدى البعيد ستخرج وفق ما هو حقيقي وستكون من المعلومات البديهية لدى كل أسرة، فمن المؤكد أنه بعد فترة ما سيكون لدينا معلومة عن التحورات على مستوى جميع الأسر ويكون له آهمية لا تقل عن أهمية فصيلة الدم التي تسجل في رخصة المرور.
ومن ثم فكل الجهود المنصبة حالياً على تحريف مسار النتائج لن يكون له أي معنى على المدى البعيد، فهو مجرة إضاعة للوقت وهدر للمال.
ولكن كنا نتمنى أن نصل إلي النتائج في وقت قصير ونتعامل معها بطريقة متحضرة، لنصل للنتيجة الحقيقية ونتدارسها ذاتياً.