الأربعاء، 11 ديسمبر 2013

بين التجاهل والتجهيل ... ما خلف الكتابة

   تقدمت إحدى الأسر في عسير إلى المقام السامي بشكوى ضدي ادعت فيها أنني شككت في نسبها وطالبت فيها بسحب كتاب "عسير والتاريخ وانحراف المسار" من المكتبات ومنع تداوله في المملكة، وإلزامي بالاعتذار لها وللقبائل في المنطقة في الصحف، وإغلاق موقعي الإلكتروني، وقد حضرت إلى الجهات المختصة في بداية الأسبوع وأجبت على الشكوى.
  وبغض النظر عن هذه الشكوى، أو خلافها، إلا أن ما أرغب توضيحه هنا أنني كتبت، وأكتب هنا وهناك، وسأكتب غداً، وبعد غد ليس إلا بدافع حبي لوطني، ورغبة في إيقاف العبث بتاريخه من قبل مجموعة تكتب في الظلام، وأخرى تستند إليها، فتتدخل في الهوية والتاريخ السياسي للوطن بطريقة خاطئة، وبما يشكل خطراً على مستقبله، ولا أرغب في الإساءة لأحد، ولكنني أرى أن عدم العمل على إيقاف العابثين بالتاريخ لمن لديه القدرة على ممارسة ذلك يمثل خيانة للأمانة.
   فالصحيح أن كتاب "عسير والتاريخ وانحراف المسار"  لا يوجد به ما يسيء إلى أي قبيلة أو عشيرة على الإطلاق، بل على  العكس من ذلك، فهو محاولة لكشف الستار عن عملية التزوير المنظمة التي تقوم بها جهات مجهولة تحاول تشويه كل شيء جميل فوق هذه الأرض، وتفنيد الأكاذيب التي وردت في مجموعة كتب إمتاع السامر، وتسليط الضوء على الجانب المضيء من تاريخ بلاد السراة قاطبة مما لم يتطرق له أحد وإعادة تقييم المفاهيم المغلوطة حول التاريخ السياسي وقيمة الإنسان والحضارة المادية والمعنوية في بلاد السراة، وإذا كان هنالك من يرون أن إيضاح الأخطاء والأكاذيب التي كانت تصب في صالحهم خطيئة، فإنني أرى أنها في النهاية معلومات خاطئة، لذا فإظهار الحقيقة إذا كانت تتعلق بهوية الوطن وبتاريخه وتوازن هيكله السكاني الموروث هو أمر ضروري مهما كان غير مرغوبا.
ويكفي أن يرى القارئ كيف أنني أحقق في المصادر التاريخية التي أستند إليها قبل اعتمادها، وأقوم باستقراء واضح المعالم للأخبار التاريخية للوصول إلى النتائج المنطقية الموافقة للعقل والمستندة إلى المصادر الحقيقية المعتبرة حول الوضع التاريخي وحول صحة الأخبار، وهو ما يجعل الاستنتاجات مرتبطة بتبرير واضح أوصلنا إليها، ومن ثم فلا مشاحة في أن يرى سواي ممن سيكتب التاريخ غير ما أراه ويحاول اثبات صحة رأيه وخطأ رأيي إذا استند إلى مصادر تاريخية معتبرة واتبع منهجاً واضحاً وصحيحاً في التحليل والاستنتاج، فاختلاف الرؤى والاستنتاجات هو سمة من سمات الكتابة في التاريخ، بل إن الجدل للوصول إلى الحقيقة هو أمر إيجابي عندما يكون المنهج العلمي في الاستناد والاستنتاج هو وسيلة النقاش، ولكن الإشكال يقع حينما تكون الوسائل المتبعة غير نزيهة.  
ورغم أن الكثير من أبناء المنطقة قد أصبحوا على علم بما تحويه هذه المؤلفات والكتب التي استندت إليها من أكاذيب، إلا أنني أعلم أن هنالك آخرين لديهم الرغبة في إيقاف أي نشاط في اتجاه كشف هذه الأكاذيب ممن هم مهتمون بكتابة التاريخ بطريقة خاطئة،  أو من تورطوا بالانضواء في جانب حزب المؤيدين لرواية إمتاع السامر حول فكرة الامبراطورية اليزيدية العميقة المزعومة في عسير، أو من يتم إغراءهم بالمكاسب التاريخية من الأسر أو العشائر المحلية في عسير أو في غيرها من المناطق، فهنالك الكثير من القبائل والأسر في الجزيرة العربية أصبحت ترى في سقوط مجموعة كتب إمتاع السامر سقوطاً لمكاسب أسرية وعشائرية تحققت لهم خلال الفترة الماضية، ومن ثم فهم يدافعون عنها ويهاجمون من يهاجمها، ولا أرغب في الوقت الحاضر في المزيد من الحديث أو عرض بعض المصادر حول هؤلاء الذين أعرفهم وأقرأهم جيداً.
  وقد حاول بعض هؤلاء الإشارة إلى بعض محتويات كتابي بطريقة انتقائية وغير أمينة تهدف إلى تشويه صورة الكتاب والكاتب في عيون الآخرين، وقد وجدت انهم لا زالوا يستخدمون نفس طريقة إمتاع السامر في التظليل والسخرية واستغفال القارئ، إلا أنني لن أجاري هذا الأسلوب في الكتابة، وسأظل أكتب بطريقة تحترم عقل القارئ، ولن أنساق إلى محاولة تحقيق المكاسب السريعة، فلا شك لدي أن الحق سيفرض انتصاره أخيراً ما ظللنا نمسك بمقبضه حتى اللحظة الأخيرة.  
لذا لن استغرب أن يكون هنالك محاولة للّعب بطريقة أو أخرى عبر بعض موظفي بعض الجهات الحكومية في منطقة عسير، أو بعض الجهات الإعلامية، ولكن لا شك أنني سأدافع عن حقي في الكتابة عن تاريخ وطني وفي ممارسة الملاحقة للتزوير، وسأكون هنالك بالمرصاد لكل من يحاول التدخل بطريقة غير محايدة، وأسأل الله العون والسداد.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق