الاثنين، 3 يونيو 2013

مصادر التزوير بالوثائق ٣

من ضمن استدلالات بعض الكتاب على صحة وجود الدولة اليزيدية الأموية بيت زعموا أنه قاله الشاعر/ عبدالخالق الحفظي في مدح محمد بن عايض يقول  فيه:
أرومة من قريش طاب معدنها *** نسل اليزيدين أهل الفضل والمنن
وقد أورده أحد الكتب التاريخية مرجعاً المصدر إلى اسم كتاب مجهول إلى حد ما، فقد أرجع الأستاذ علي عوض آل قطب مصدر هذا البيت في كتابه "الأمراء اليزيديون ..." ص٦٣ إلى كتاب اسمه "الشعر في عسير" لمؤلف اسمه: "عبدالله بن قيس الغامدي" صادر عن دار نشر اسمها "دار الفتح" بدمشق، والنقل حسب الناقل كان عن الطبعة الثانية والتي صدرت عام ١٣٩٨هـ، ولا شك لدي أن الأخ علي كان ينقل عن كتاب حقيقي له غلاف عليه اسم المؤلف والناشر وورق مطبوع يقلبه وينقل منه المعلومات كما أوردها، ولكني بحثت عن اسم الكتاب أو الكاتب فلم أجده ولا من أشار إليه قبل ذلك، وأخشى أننا أمام كتاب جديد من كتب مجموعة إمتاع السامر التي تفاجئنا كل يوم بجديدها، فالحقيقة أن أول ظهور لهذا البيت ضمن القصيدة كان في الكتاب المزور "إمتاع السامر" كواحد من العديد من الأبيات التي تمت إضافتها إلى النص الأساسي والتي تشير إلى النسب ألأموي، وهذه الصفحات المتضمنة للبيت المذكور كما ورد في كتاب إمتاع السامر:

 والبيت المذكور هو رقم ٣٦، وقد جاء بعد البيت الذي يقول مطلعه "أما درى أنه الضرغام من نفر"وقبل الذي يقول "الطاعنون العدا والناقلون لهم" كما نلاحظ أن الثمانية الأبيات من رقم ٢٧ إلى ٢٨و بالإضافة للبيت المذكور وبعض الأبيات المتفرقة في القصيدة هي أبيات مضافة، لم يتضمنها النص الأصلي الذي سنراه بعد قليل، ويلاحظ أن الأبيات المضافة تنفرد بحمل إشارات واضحة إلى النسب الأموي، بينما القصيدة الأساسية لا تحمل أي إشارة إلى النسب الأموي على الإطلاق.
 ولكن النص الأصلي للقصيدة ورد في أحد المصادر الحقيقية الموثوقة قبل صدور كتاب إمتاع السامر والكتب المشابهة له، ففي عام ١٣٩٣هـ صدر كتاب نفحات من عسير لمؤلفه / محمد بن أبراهيم زين العابدين الحفظي  وهو كتاب عني مؤلفه بجمع قصائد الشعراء من أسرته (آل الحفظي)، وقد طبع الكتاب في مدينة أبها بمطابع مازن، وهو موجود بمكتبة أبها العامة، وهذه صفحة الغلاف والصفحة الأولى:


وقد حوى ضمن الشعراء والقصائد المضمنة في الكتاب القصيدة المذكورة وهي للشاعر عبدالخالق بن ابراهيم بن احمد الحفظي قالها عام ١٢٨٠ هـ في مدح محمد بن عايض بعد دخول الجيش العسيري لأبي عريش منتصراً، إثر خصام بين أمراء أبي عريش واستنجاد أحدهم بالعسيريين، وبينما وردت القصيدة في ٨٣ بيتاً في إمتاع السامر فإن عدد أبيات القصيدة الحقيقية  ٦٩ بيتاً فقط، وهذه الصفحة التي ورد فيها البيت:
وكما نلاحظ فإن نص القصيدة الحقيقية لا يحتوي على البيت المذكور ـ والذي يفترض أنه يقع بين البيتين الرابع والخامس من الأخيرـ ولا الأبيات الأخرى التي تشير إلى النسب الأموي (من ٢٧ إلى ٢٨) التي وردت في النص الوارد في كتاب "إمتاع السامر"، وهو ما يدلنا على حجم العبث الذي يمارس ومقدار السخرية بالمجتمع وبثقافته وبتاريخه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق